أسابيع قليلة تفصلنا عن موعد انعقاد القمة العربية الثانية والثلاثين بالمملكة العربية السعودية في التاسع عشر من مايو المقبل،
النشاط الدبلوماسي الكبير الذي تشهده عواصم المنطقة الرئيسية يوحي بأن هذه القمة لن تكون عادية في مخرجاتها رغم أنها بروتوكوليا قمة دورية وليست قمة استثنائية أو طارئة، ولكنها قد تكون أقرب إلى ذلك عمليا وهذا ما سيتأكد مع ما ستنتهي إليه من قرارات، خاصة أنها تعقد بعد أقل من ستة أشهر فقط من انعقاد القمة السابقة في الجزائر، وربما تكون هذه أقل فترة بين قمتين عربيتين عاديتين في تاريخ القمم العربية.
وإذا كان للمقدمات أن تقود إلى نتائج منطقية وطبيعية فإن لنا أن نقترض أن هذه القمة ستشهد أو يجب أن تشهد عودة سوريا لشغل مقعدها الطبيعي في جامعة الدول العربية الذي غابت أو غيبت عنه لفترة طويلة تجاوزت عقدا من الزمان، فالنشاط الدبلوماسي العربي خلال الشهرين المنصرمين كانت سوريا محورا مركزيا له، وهدفا رئيسيا لتحركاته، لا سيما بعد الزلازل المدمر الذي ضرب أجزاء من سوريا وترك حالة شديدة من التعاطف العربي مع شعبها لكنه في نفس الوقت أثار تساؤلا حول موعد عودتها لجامعة الدول العربية التي وقفت مكتوفة الأيدي في هذه الكارثة الإنسانية لا تستطيع أن تقوم بدور مطلوب ومنتظر في حشد وتنسيق الجهود العربية لمساعدة شعب دولة مجمدة العضوية في تجاوز آثار أكبر كارثة إنسانية منذ عقود.
وإن كانت هناك حسنة وحيدة لهذه الكارثة الإنسانية فإنها حركت مياه السياسة العربية الراكدة تجاه سوريا، وأعادت التذكير بضرورة التضامن والتماسك العربي لا سيما في أوقات الأزمات والكوارث التي تفرض تنحية الخلافات السياسية جانبا وتقديم الجانب الإنساني على ما عداه، وهنا كانت زيارة وزير الخارجية المصري إلى دمشق نهاية فبراير الماضي والمكالمة الهاتفية الأولى من نوعها بين الرئيس المصري ونظيره السوري التي أعرب فيها الأول عن تضامنه الكامل مع دمشق واستعداد بلاده لتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدة لتجاوز آثار الكارثة، ثم جاءت زيارة الرئيس السوري إلى أبوظبي في مارس الماضي التي قال خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إن "غياب سوريا عن أشقائها قد طال وحان الوقت لعودتها" في أول تصريح رسمي عربي صريح ومباشر بضرورة عودة سوريا لجامعة الدول العربية، وفي الحقيقة كانت الإمارات أولى الدول العربية التي أدركت خطورة العزلة العربية لسوريا وأعادت فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر من عام 2018، وأتبعت ذلك بتحركات سياسية ودبلوماسية نشطة ومؤثرة لم تتوقف حتى اللحظة
0 Comments: